الاضطرابات الذهانية Psychotic Disorders

الاضطرابات الذهانية Psychotic Disorders

منذ 3 أشهر

بقلم : البروفيسور علي سليمان

الاضطرابات الذهانية Psychotic Disorders

بقلم رئيس الجامعة البروفيسور علي السيد سليمان:

الذهان (المرض العقلي) هو اضطراب عقلى شديد ، وتفكك شامل فى الشخصية ، حيث ينفصل المريض عن الواقع، ويصعب عليه اقامة حوار مع الآخرين ، و يميل الى اقامة حوار مع نفسه ، ويضطرب ادراك المريض للواقع وتظهر على السلوك تصرفات  بدائية (كالتبول على الملابس أو مص الاصابع).

كما يضطرب التفكير بشكل واضح ، وتظهر الهلوسات والهذيانات بأنواعها، ويظهر التفكك والضحالة والتشتت . ونتيجة لاضطراب التفكير، تضطرب اللغة ويصبح للمريض لغة خاصة به 

كما تظهر محتويات اللاشعور بشكل واضح وسافر فى سلوك المريض  . ويظهر ذلك فى الانسجاب من العلاقات الاجتماعية، وفى اشكال السلوك النرجسى (التمركزعلى الذات)، والسلوك الجنسى الفج والسلوك العدوانى. وعادة لا يشعر مريض الذهان بمرضه ولا يعترف به  ولا يرغب فى تغيير حالته، ولا يهتم بنفسه أو بهيئته ويتدهور مظهره العام. 

ويمكن أن يرجع الذهان الى اسباب وعوامل عضوية، حيث يرتبط بتلف فى الجهاز العصبى ، مثل ذهان الشيخوخة ، والذهان الناجم عن أضطراب فى الغدد الصماء، أو أضطراب فى عملية الأيض (عمليات البناء والهدم ) أوما الى ذلك , وهو ما يطلق عليه الذهان العضوي.

الذهان العضوي organic Psychosis

هو اضطراب في الوظائف العقلية والسلوكية للفرد يرجع الى تلف في الدماغ , ويحدث هدا التلف نتيجة اسباب محتلفة، مثل الاصابة بمرض الزهري أو التسمم الناتج عن ادمان الخمر والمخدرات , أو الحوادث التي تصيب الدماغ ، أو التدهور الذي يصيب أنسجة الدماغ العصبية نتيجة التقدم في العمر . ويتوقف نوع الذهان العضوي على نوع ومدى التلف الدي يصيب الدماغ , وطبيعة شخصية المريض قبل حدوث المرض. ويؤدي التلف الذي يصيب الدماغ، الى عدة اضطرابات في الوظائف العقلية والسلوكية للمريض، مثل اضطرابات الإدراك والذاكرة , وتدهور الإنتباه وتدهور القدرة على حل المشكلات، بالإضافة الى اضطرابات التفكير واللغة والحالة المزاجية . وتوجد ثلاثة أنواع من الذهان العضوي هي :

1- الشلل العام General Paresis

يتميز هذا الاضطراب الذهاني بتدهور مستمر في الوظائف العقلية والسلوكية، يؤدي في النهاية الى موت المريض اذا لم يتم علاجه في المراحل الأولى للمرض , ويتم العلاج عادة بالعقاقير . ويرجع ذلك الى الإصابة بمرض الزهري الدي يصل ميكروبه الى الدماغ محدثا التدهور في الوظائف العقلية للمريض , وفقدان القدرة على التآزر والتوجه في المكان، ويصل أحيانا إلى الشلل, وفي المراحل المتأخرة تظهر على المريض الهذاءات والهلاوس

2- ذهان الشيخوخة Senile Psychosis 

اضطراب عقلي وسلوكي، يصيب بعض الأفراد أحيانا نتيجة الشيخوخة , حيث يحدث نوع من التدهور في أنسجة الدماغ , يساعد على ذلك أيضا تصلب الشرايين الذي يؤدي إلى نقص الأوكسيجين في الأنسجة العصبية بالدماغ، مما يضعف أداء الدماغ لوظائفه, فتضعف القدرة على الحكم , وتضعف الذاكرة،  وكذلك القدرة على التمييز بين الماضي والحاضر والحقيقة والوهم , ويحدث خلل في الاتزان الانفعالي فلا يستطيع التحكم في انفعالاته واندفاعاته ويبدو سلوكه طفوليا.

هده الأعراض لا تظهر لدى جميع المسنين، حيث أنها تتأثر بالعوامل الوراثية والعوامل المتعلقة بحالة الأوعية الدموية وحالة الغدد الصماء. ويرى بعض العلماء أن الشيخوحة تعتمد على قدرة الفرد على تقبل نقص كفاءته العقلية , وعلى قدرته على التكيف لمواقف الضغط في هده المرحلة .

3- الذهان الكحولي Alcohollic Psychosis  

اضطراب ذهاني حاد ومزمن ينشأ عن ادمان الخمور والمخدرات لمدة طويلة، ويتسبب في الحاق التلف بالأنسجة العصبية في الدماغ، بما يؤدي الي اضطراب واضح في السلوك , ويظهر ذلك بشكل حاد في حالات التسمم الكحولي التي تعرف باسم  delirium tremens أي الهذيان الرعاش , ويتميز بالارتعاشات والهذاءات والهلاوس البصرية الشديدة , وتظهر هده الحالة عند التوقف عن التعاطي وتستمر لمدة اسبوع تقريبا.. ومن انواع الذهان الكحولي، زملة أعراض كورساكوف Korsacoff’s Syndrom وتشمل التذبذب ونقص الوعي بالزمان والمكان واضطراب الذاكرة والاندفاعية .

الذهان الوظيفي

ويمكن أن يكون الذهان وظيفيا، أى نفسى المنشأ وهو الذى لا يرجع الى اسباب عضوية، وينقسم الذهان الوظيفي الى الفصام بأنواعه المختلفة ، وجنون العظمة-الاضطهاد ( البارانويا )،  والهوس mania))، والذهان الوجداني، وسنعرض فيما يلي لهذه الأنواع من الذهان الوظيفي:

الفصام SCHIZOPHRENIA 

الفصام مرض ذهانى ، يحدث بصورة أكتر شيوعا فى سن الرشد، ويتميز باضطراب فى الوجدان، وظهور اعراض الانسجاب الى عالم الخيال ، واضطراب التحكم الانفعالي ووظائف التفكير واللغة ، ويعيش المريض فى عالم خاص من صنعه وكأنه يعيش فى حلم . 

ويرى بعض علماء النفس، أن الفصام مجموعة أمراض ومن التعسف محاولة جمعها معا فى مرض واحد يحمل أسما واحدا . ولقد تعددت تعريفات الفصام ، فيمكن تعريفه على أنه مجموعة من التفاعلات الذهانية تتميز باضطرابات اساسية فى العلاقة بالواقع ، وتكوين المفاهيم ، واضطرابات فى السلوك والوجدان والفعل ، مع حدوث زيادة فى التدهور والسلوك العدوانى . 

ويمكن تعريفه ايضا على أنه نوع (أو أنواع ) من الاضطرابات العقلية يتناول الشخصية بأكملها، وتبدو أعراضه على المريض بدرجات متفاوته ، ويتضمن عادة فقدان صلة المريض بالعالم الواقعى بدرجة كبيرة ، قد تصل فى بعض الحالات الشديدة الى أن يعيش المريض عالمه الخاص وكأنه فى حلم من احلام النوم . 

 نشأة الفصام :

أختلفت وجهات نظر علماء النفس والطب النفسى فيما يتصل بنشأة الفصام ، فاتجه فريق منهم الى التركيز على العوامل الوراثية بينما أتجه فريق آخر الى التركيز على العوامل البيئية ، وأتجه فريق ثالث الى التركيزعلى العوامل الوراثية والبيئية معا .

 وقديما كان الاطباء يفسرون نشأة الفصام بارجاعه الى عوامل عضوية بحته وأهمها تلف المخ أو التسمم ، بينما اهتم علماء النفس بالعوامل البيئية .وقد ارجع علماء النفس السلوكيون ، المرض الى مثيرات وعادات خاطئة وسيئة فى بيئة المريض . ولكن التفسيرات اتجهت فى الآونه الأخيرة الى القول بتضافر مجموعة من العوامل بعضها وراثى أو عضوى وبعضها بيئى ، مما يؤدى الى حدوث الاستجابة الفصامية . وسنعرض فيما يلي لتلك العوامل.

1. العوامل الوراثية والبيولوجية :                

 في دراسة لتاريخ عائلات المرضي الفصاميين ، وجد ان ، 68.1% من الاطفال الذين انجبوا من اباء فصاميين يصبحون فصاميين . كما وجد ايضا ارتفاع نسبة الاصابة بالانفصام عند التوائم المتماثلة ، فعندما يكون احد الوالدين فصاميا فان احتمال  حدوث الفصام لدي الابناء يكون قائما بنسبة 85% . ويتبع العوامل الوراثية عوامل اخري لها دور هام في ظهور المرض من أهمها التكوين الجسمي والتغيرات الجسمية . وقد اشارت بعض الدراسات الي ان الفصام يكون اكثر انتشارا لدي الاشخاص الذين  يتميزون بالنحافة ولدي بعض المشوهين جسميا ، ويندر وجوده لدي الذين يتميزون بالبدانة . وتشمل التغيرات الجسمية حدوث  تغير في الغدد ، وتغيرات بيوكيميائية وتغيرات في الجهاز العصبي . واشارت الدراسات ايضا الي حدوث تغيرات في عملية الايض تميز مرضي الفصام عن غيرهم .  ومعني ذلك حدوث اضطراب كيميائي وتمثيلي في جسم مريض الفصام ، ويبدو واضحا ،  حدوث الاضطراب في هرمون الادرينالين ،والهرمونات العصبية مثل السيروتونين ،  بجانب السموم او التوكسينات في الجهاز العصبي المركزي ( المخ ) . ولقد فسر علماء الفسيويولوجيا(علم وظائف الاعضاء) الفصام من خلال ما يصيب الجهاز العصبى المركزى من تغييرات فى وظيفة المخ الاوسط ، بينما أرجعه آخرون الى تغيرات دقيقة ( مجهرية) فى خلايا القشرة المخية .

2. العوامل البيئية : 

أتجهت اراء بعض علماءالنفس الى أن البيئة المحيطة بالمريض وعوامل الفشل التى تنهار امامها الدفاعات النفسية للفرد ، كالرسوب غير المتوقع فى الامتحان ، أوالفشل فى العمل ، تعتبر أسبابا مولدة. للمرض ، كما أن الصدمات النفسية الحادة والحرمان فى الطفولة المبكرة ، والصدمات النفسية العنيفة التى تحدث أثناء الحروب والنكبات ، تسبب ظهور أعراض الفصام . 

واعتبر اصحاب هذا الاتجاه أن الاختلال عبارة عن المحصلة النهائية لتراكم الضغوط النفسية ، والعادات الخاطئة على مرالسنين . 

ولقد اوضح " سوليفان " أن الفصام له طبيعة اجتماعية ، فهو يحدث نتيجة لسوء العلاقة الاجتماعية بين المريض – (حينما كان طفلا) ، وبين أحد والديه أو كليهما ، كما يرى أن ما يصل الى الطفل من الوالدين ، من قلق وسوء تقدير ، وقسوة وتهديد بحرمانه من الرضا عنه ، قد تسبب كلها التجاء الطفل الى ما يسمى بتفسيرات مشوهة للموقف الاجتماعى ، ومع وجود خلل فى الجهاز النفسى ، يمتنع المريض عن اكتساب وتعلم الأساليب الواقعيه المناسبة، وبذلك يصبح المريض أكثر انسلاخا عن الواقع الاجتماعى ، ويصاب بالذعر والهلع ، ويفضل العودة الى الخبرات المفككة  التى تميز الحالات الذهانية .

3. تضافر العوامل البيئية مع العوامل الوراثية و البيولوجية : 

يرى أصحاب هذا الاتجاه أنه لا بد من تضافر العوامل الوراثية مع العوامل البيئية فى نشأة الفصام ، بل وفى نشأة الأمراض العصابية والذهانية بصفة عامة ، ويؤكدون أن كل العوامل الجينية ( الوراثية ) المعروفة والواضحة المرتبطة  بحدوث الفصام، يبدو تأثيرها فى اضطراب التفكير واضطراب اللغة .

ولقد فسرت نظرية التحليل النفسى الفصام بأنه نكوص الى المرحلة الفمية ، التى لم تتمايز فيها " الأنا " بعد عن العالم الخارجى ، وأن المريض يعانى تثبيتا عند هذه المرحلة من مراحل النمو النفسى وأن التثبيتات يمكن أن تحدث بسبب :- 

1. العوامل الوراثية والجبلية . 

2. أشباعات زائدة ( غير عادية ) .

3. احباطات شديدة غير عادية .

 د. تناوب اشياعات غير عادية واحباطات شديدة لاحقة غير عادية ( فكلما كانت الاشباعات السابقة كبيرة ازداد الاحتمال في ان تعاش الاحباطات اللاحقة علي انها صدمات ) ولقد فسرت المدرسة السلوكية الفصام بأنه – كبقية اشكال العصاب والذهان – ما هو الا عادات سلوكية خاطئة وسيئة يتم اكتسابها بنفس مبادئ تعلم السلوك السوي . 

أعراض الفصام : 

تختلف اعراض الفصام من حالة الي أخري وتتنوع بدرجة يصعب تحديدها ،ولقد وجد في غالبية الحالات ثلاثة اعراض أولية وعامة للفصام وهي : 

1- اضطراب اللغة والتفكير والادراك 

 2- اضطراب الوجدان 

2- اضطراب السلوك ( الفعالية )

هذا بالاضافة الي اعراض أخري هامشية مثل الانعزال عن الواقع والتمركز علي الذات والتناقض الوجداني . وتأخذ الاعراض اشكالا متعددة مثل سماع كلمات وعبارات  ( هلوسات سمعية ) ورؤية اشكال واشخاص ومواقف ( هلوسات بصرية ). هذا الي جانب الحساسية النفسية وما يصاحبها من ثورة انفعالية ، وفقد لحدود الانا ( الذات ) وقابلية التقلب والتغير . 

ويمكن تلخيص األعراض العامة فيما يلي:

 

اضطرابات التفكير واللغة : :

أوالً

 

حيث يعيش المريض الهلوسات السمعية والهلوسات البصرية ، وال يستطيع

التمييز بين الحقيقة والخيال، ويفقد قدرته على االتصال بالواقع، وتصبح لغته

غير مفهومه، وعباراته غير مترابطة ،ويغلب عليها الرمزية . ويعتبر الفصام

مقدمة الضطراب التواصل ، حيث يحدث تلف شديد في االدراك والعالقات

البين شخصية . وتبدو لغة الفصام في معظم الحاالت غريبة وغامضة وغير

مفهومة كلية . وتتضح اضطرابات اللغة ضمن اضطراب التفكير عموما ، حيث

اليمكن توضيح اضطراب أي فكرة داخل عقل االنسان االمن خالل التعبير عنها

لغويا .

 

ثانيا : االضطرابات االدراكية :

 

تتنوع االضطرابات االدراكية فى الفصام ، ويرى بعض علماء النفس أن هذه

االضطرابات ترجع الى تأثر المريض بالمثيرات الحسية ، فالفرد العادى يشعر

بأاللفة مع البيئة التى يعيش فيها ، ويصبح معتادآ عليها ، ويتكيف معها ،ولكن

مريض الفصام يشعر بعدم األلفة مع البيئة ، بل ويشعر بالضيق فيها ، وتتغير

رؤيته للموضوعات ولألشياء المحيطة به من حيث الشكل، وبالتالى يتغير

ادراكه للعالم ولصورة داته وصورة جسمه ، اال ان اهم صور التغير االدراكي

للفصامى تبدو فى هلوساته وهذاءاته التي سنعرض لها فيما يلي:

 

.1 الهلوسات السمعية : حيث يسمع المريض أصواتا تناديه .

 

.2 الهلوسات البصرية : وكثيرا ما يعيش الفصامي هذه الهالوس طوال اليوم ،

وتكون الصور البصرية واضحة فى أبعادها الثالث اللون والحجم والحركة ، وقد

تسبب للمريض الرعب والفزع .

.3 الهلوسات التذوقية : حيث يشكو المريض من المذاق المر أو الحار للطعام ،

كما يشكو من هلوسات شمية تتمثل في وجود روائح معينة تحيط به .

 

.4 الهلوسات اللمسية : وفيها تنتاب المريض احساسات اليمة فى اجزاء جسمه ،

وقد تأخذ أشكاال مختلفة.

 

أما الهذاءات ) الضالالت ( فتعتبر اضطرابات معرفية وتشمل:

.1 هذاءات االضطهاد : ويمكن أن تأخذ اشكاال متعددة ، فيتجه االضعلهاد الى

اشخاص فى البيئة ، أو الى جماعة معينة أو مذهب معين تبعا لثقافة المريض .

 

.2 هذاءات العظمة : حيث يعتقد المريض أعتقادا جازما بأنه شخصية عظيمة

ومرموقة فى المجتمع ، وأنه أذكى وأقوى البشر وأنه منوط به انقاذ البشرية .

.3 هذاءات توهم المرض : وهنا يسيطرعلى على المريض اعتقاد خاطئ بأنه

يعانى من مرض خبيث ، ال يمكن شفاؤه ، أو يتوهم وجود ورم أو آالم فى

مناطق مختلفة من جسمه .

 

.4 هذاءات معرفية : وهى تشبة هذاءات العظمة حيث يعيش المريض اقتناعا

كامال ، بأنه على معرفة واتصال بسكان المريخ أو القمر مثال ، أو يمتلك القدرة

على كشف الغيب .

 

.5 هذاءات االشارة أو التلميح : وتعزى هذه الهذاءات الى تأثير أشعاعات أو

شحنات كهربية متسلطة ، وأنه واقع تحت تأثير قوى داخلية أو خارجية ،

ويصبح أسير هذه االفكارالتى تختلف حسب ثقافة الفرد وثقافة المجتمع من أشعة

الليزر الى اعمال السحر .

 

ثالثا : اضطرابات االرادة :

 

فى حاالت الفصام نجد للمريض أكثر من ارادة وهذا ، يفسر عدم قدرة المريض

على اتخاذ قرار معين ، حيث يصدر قرارا ثم يتراجع فيه ، ويقوم باصدار قرار

آخر غيره ، وال ينفذ أى قرار مما أصدر ، وال يتوقف عند ذلك ، بل نجده يتردد

عند تنفيذ فعل ما ، كما يكرر المريض كلمات وجمل بصورة آلية ويدون هدف ،

وكأنه يدرك أن قوى خارجية ترغمه على هذا التكرار . ويظهر ضعف االرادة

أيضا فى مجال التفكير ، فيشعر المريض أن أفكارا كثيرة تقحم علية بالقوة ، وأن

االفكار تنسحب منه وتذاع وتنتشر رغم أرادته .

 

رابعا : االضطرابات السلوكية :

 

تنتج االضطرابات السلوكية عن اضطراب التفكير وضعف االرادة وتبدو فى

شكل التكلف أو التصنع ، سواء فى الحديث أو الحركات ، حيث يحرك المريض

فمه أو حاجبيه ومالمح وجهه بصورة ملفتة للنظر . ويكون سلوكه نمطيا جامدا ،

و تتجزأ حركات المريض وتبدو فيها العرقلة وقد يقوم بحركات دورانية حول

نفسه ، تدل على اضطراب التفكير وشذوذه ، وينزوى المريض بعيدا عن

المجتمع .

 

خامسا : االضطرابات الوجدانية :

 

يبدأ االضطراب الوجدانى بضعف قدرة المريض على االستجابة االنفعالية ، مع

تناقض مشاعره تجاه أهله وذويه وتكون انفعاالته سطحية ليس بها أى عمق . تم

يتطور االضطرا ب بعد ذلك فتصبح انفعاالته غير متناسبة وطبيعة الموقف الذى

يوجد به، وال تتناسب مع مجرى االحداث وتتذبذب العاطفة ، حيث ينتقل

المريض من انفعال آلخرفى نفس الوقت ، وقد ينتقل من حالة السرور الى حالة

االكتئاب فجأة، وقد يصل االضطراب العاطفى لدرجة تبلد الشعور ، حيث يبدو

المريض فى حالة ال مباالة . وقد يظهر المريض انفعاالت بدائية مثل الغضب

والهلع .

أنواع الفصام وأعراضها النوعية :

الى جانب االعراض العامة للفصام توجد أعراض خاصة تميز كل نوع من

أنواع الفصام على حدة وهذه األنواع هي:

الفصام البسيط : وأهم خصائصه أن بدايته غير حادة ، حيث ينفصل المريض

عن الواقع تدريجيا ، ونادرا ما توجد لدى المريض هلوسات أو ضالالت ، وأهم

أعراض الفصام البسيط تتمثل في نقص الحيوية وعدم القدرة على التركيز،

وهذاءات التأثير والتأثر ، ونقص التواصل االجتماعى و انعدام المسئولية ونقص

الميول واالهتمامات ، ونقص مستوى الطموح والالمباالة ، وفقدان الدافعية ،

واالستغراق فى احالم اليقظة ، وفقدان االهتمام بالمظهر الشخصي والشرود ،

والتناقض الوجدانى والسلوكى.

 

مثال للفصام البسيط :

 

شاب التحق بالخدمة العسكرية بعد تخرجه في الجامعة، وبعد التحاقه بالجيش

بفترة قصيرة بدأت تظهر عليه اعراض الخمول والهدوء الشديد والالمباالة

 

والتبلد واألرق واالنعزال ، وكان يكلم نفسه أحيانا بصوت مرتفع او بصوت

منخفض . ولوحظ ان قدرته على فهم وتنفيذ األوامر العسكرية وغيرها من

الواجبات بدأت تتدهور بشكل واضح ،وبدأ رؤساؤه وزمالؤه يالحظون سلوكه

الغريب بشكل واضح ، وتم تحويله للعالج النفسي. تبين من دراسة هده الحالة ان

هدا الشاب كان خجوال في طفولته وكان يميل للعزلة ، فكان ال يشترك مع

زمالئه في األنشطة االجتماعية الترفيهية ، واثناء دراسته الثانوية والجامعية كان

يشترك في بعض االجتماعات مع زمالئه مضطرا ولكنه كان يظل صامتا هادئا

ومتحفظا مما كان يجعله موضع سخرية من زمالئه وعلى ما يبدو ان هده

السخرية لم تكن تثير انفعاله.

 

الفصام المبكر ) الهيبفرينى (:

 

ويطلق عليه مصطلح فصام المراهقة ويداية هذا النوع تكون مبكرة ومفاجئة ،

ويحدث عادة فى المراهقة ، ويؤدى الى تدهور الشخصية وعدم تكاملها ،

وأعراضه غير مستقرة . وأهمها عدم العناية بالنظافة الشخصية والعناية بالذات

، واضطراب التفكير ، وتبدو عادات االكل واالخراج طفلية ، كما يتسم المريض

باضطراب السلوك و االنطواء وعدم االتزان االنفعالى ، ويكون سلوكه طفليا

اندفاعيا . ومن اهم أعراضه الهذاءات غير المنظمة ، وغالبا ما تدور هذه

الهذاءات حول جسده، فقد يعتقد أنه شخص خفي وغير مرئي أو انه ينتمي الى

جنس السبايدرمان او السوبرمان ولديه بغض المعتقدات الغريبة ومعظم الهالوس

التي لديه هي الهالوس البصرية .

 

مثال لفصام المراهقة:

 

فتاة تبلغ من العمر 22 عاما تعمل في احد مصانع الخياطة .. فتاة خجولة ..هادئة

..مطيعة . كثرت أخطاءها في العمل فتم فصلها ولكنها خافت ان تخبر أسرتها

 

بدلك فحبست نفسها في الحمام واخدت تغني وتضحك بصوت مرتفع . وفي

المصحة النفسية ازداد انسحابها من الواقع واخدت تمشي حافية القدمين وتلف

نفسها بمفرش .وكانت تجيب على جميع اسئلة المعالج بطريقة عشوائية ال تخرج

عن نعم او ال وكانت كثرة االبتسام والضحك بدون سبب.

 

الفصام التخشبى ) الكتاتونى ( :

وأهم أعراضه تصلب المريض وتخشبه فى وضع تمثال ،أو وضع الجنين فى

بطن االم ،أو وضع الميت ، وهذه االوضاع تدوم طويال وبدون تعب واليتحرك

المريض ، ويفقد نشاطه ويميل الى الذهول وكأن على وجهه قناع ويكرر الكالم

ويردده ، ويكون نمطيا صامتا مطيعا طاعة عمياء ، ويرفض الطعام وال يستطيع

التحكم فى غرائزه الجنسية وال في عمليات االخراج.

 

مثال لحالة كتاتونيا :

 

شاب يبلغ من العمر 27 عام ، فقد والده، وبعدها بدأ يميل الى االنسحاب والعزلة

ويقوم بحركات غير مناسبة ، وكانت تنتابه حاالت هيجان ، وكان يشكو من

سماع اصوات تقول له انه شخص غريب وان السيارات بجوار منزله ترسل

اشارات خاصة له ، واصبح سلبيا تماما ، وتعطل كالمه وتفكيره الى درجة

اصبح معها كانه اصم ابكم . واثناء حاالت الهيجان كان يعتدي على األطباء

وعلى غيره من المرضى . وفي حركاته الجسمية كان ياخد اوضاعا جسمية

جامدة مثل التمثال.

 

الفصام الهذائي ) البارانوي( :

 

ويبدأ متأخرا بعد سن الثالثين ويتسم باألوهام والهذاءات والهلوسات وأفكار التأثر

والتأثير ، ويصعب التنبؤ بسلوكه ، والفصام الهذائى له وجهان .:

االضطهاد : حيث تسيطر على المريض أفكار االضطهاد والشك والعزلة

االجتماعية واالعتقاد فى أن االخرين يتآمرون عليه ويد برون له المكائد.

وتسيطر عليه مشاعر عدم الرضا ، والسلوك المضاد للمجتمع ، واالعتقاد بأن

هناك من يسعى الى السيطرة عليه ، وتنويمه مغناطيسيا ، وأن هناك من يسلط

عليه أشعة للتأثير عليه أو أن المخابرات تتعقبه .. وما الى ذلك .

 

العظمة : حيث تسيطر على المريض أفكار مؤداها أنه عظيم وموهوب يتمتع

يقدرات عقلية خارقة ، وأنه يشغل منصبا كبيرا، وأنه يستطيع أن يكلم االنبياء ..و

ما الى ذلك .وقد اضافت بعض التصنيفات فئات أخرى للفصام مثل الفصام

االستهاللى والفصام الوجدانى والفصام المزمن .

 

عالج الفصام :

ليس من الضرورى أن يتم ايداع جميع حاالت الفصام بالمستشفى ألنه من

الممكن عالج بعض الحاالت كمرضى مترددين على المستشفى ويفضل ايداع

الفصامي بالمستشفى اذا كان يمثل خطرا على نفسه أو على االخرين ، وكذلك

فى حاالت رفض العالج أو الطعام أو عند وجود ميول انتحارية لدى المريض.

وتتمثل اساليب عالج الفصام فيما يلي:

 

.1 العالج بالعقاقير :

 

وتستخدم المطمئنات المهدئات الكبرى بجرعات كبيرة ومتفاوتة تبعا لكل حالة .

وتفيد هذه العقاقير فى اعادة توازن الهرمونات العصبية فى المخ ، وخفض

 

التوثرات الخارجية التى تصل الى التكوين الشبكى ومن ثم تحسن المريض ،

على أنه يجب أن يستمر المريض فترة طويلة فى العالج ، وتختلف مدة العالج

بهذه العقاقير تبعا لكل حالة على حدة .

 

-2 العالج بالصدمات الكهربية :

 

ويستخدم هذا النوع من العالج مع العالج بالعقاقير ويستخدم فى حاالت الفصام

المصحوبة بأعراض اكتئابية وحاالت الفصام التصلبى والفصام البارانويدي

 

-3العالج بالجراحة النفسية:

 

ويتم فيه قطع االلياف الموصلة بين الفص الجبهى فى المخ والثالموس فتقل حدة

االنفعال وتنخفض االستجابة للمثيرات الخارجية مما يترتب عليه أن ينخفض

اضطراب االدراك ، وما يصحبه من اعراض الهذاءات والهلوسات ، وهذا النوع

من العالج يقتصر حاليا على الحاالت المزمنة التى ال تستجيب لوسائل العالج

أالخرى ، ويندر استخدام الجراحة فى معظم الحاالت النها تترك آثارا ال تزول

فى شخصية المريض وتكوينه النفسى ويستعاض عنها حاليا بالمهدئات الكبرى

بقدر االمكان .

 

-4 العالج بالتحليل النفسى

تبدو أهمية دورالعالج فى مساعدة المريض على اختراق الواقع وكسر قيود

العزلة ، غير أن بعض الفصاميين ، وخاصة حاالت النكوص الشديدة ، تكون

منقطعة الصلة نهائيا بالواقع ولذلك يصعب التعامل معها بالتحليل النفسى .

 

والعالج بالتحليل النفسى يفيد فقط مع بعض انواع الفصام مثل حاالت الفصام

البارانويدى ، حيث أنها ال تكون منفصلة تماما عن الواقع ، ولكن يوجد خيط

 

يربطها بالواقع ، اال أن عالج هذه الحاالت يجب أن يتم على مرحلتين : االولى

اقامة عالقة مع المريض ، واالبقاء على هذه العالقة ، ويجب على المعالج أن

يبذل جهدا كبيرا من أجل ذلك . والمرحلة الثانية هى مرحلة التحليل النفسي

بفنياته المعروفة . وباالضافة الى أن التحليل النفسى ال يفيد مع جميع حاالت

الفصام ، فانه يحتاج الى وقت طويل وجهد مضاعف .

 

-5 العالج السلوكي :

ويقوم هذا العالج على تعديل السلوك ، ولقد اشار اصحاب هذا االتجاه الى أن

مصطلح تعديل السلوك ، يشير الى عدد من الفنيات التى تتميز بالتطبيق الصريح

لمبادئ التشريط .

 

ويقوم العالج السلوكى على استخدام عملية التشريط بكافة صورها فى التعديل

المباشر للسلوك غير المرغوب ، وذلك القامة سلوك توافقي جديد من خالل

مواقف التأثير االجتماعى أثناء الجلسة العالجية ، وبدون التعامل مع االسباب

الكامنه وراء العرض والمرض .

 

ويمكن تطبيق المبدأ السلوكى فى العالج ، حيث يتقبل المعالج سلوكا معينا بشكل

تلقائى ، ويكافئ المريض عليه بالحب والتفهم واالنتباه ، ويرفض سلوكا مرضيا

، ويتحفظ ازاءه ، وييتعد عنه بطريق مباشر أو غير مباشر ، ثم يتكرر ذلك

فيعزز السلوك االيجابى ويكف السلوك المرضى .

 

-6 العالج الجماعي:

 

وهذا النوع من العالج النفسي يقابل العالج النفسى الفردى ، وهو يعتمد على

العالقة بين مجموعة من االفراد من بينهم المعالج ، وتعتبر المجموعة العالجية

 

"هنا "

نموذجا لالسرة أو المجتمع ، ويتناول أفراد الجماعة حوارا ينصب على

وال يكون الحديث اجترارا للماضى ، ويفيد هذا النوع من العالج مع

 

و" اآلن "

الفصامى المنسحب ، ويساعد المريض على االتصال بالواقع .

 

-7 العالج بالعمل :

 

ويهدف هذا النوع من العالج الى عدم ترك المريض خامال مهما بلغت درجة

تدهوره ، بل يجب شغل وقت المريض فى عمل منتج ، مما يعيد له ثقتة بنفسه ،

فيعود للواقع من جديد ، ويبتعد عن العزلة والسلبية .

 

-8 العالج االسرى :

وفى هذا النوع من العالج يقوم المعالج بعمل مقابالت شخصية مع أفراد أسرة

المريض ، ويقوم بدراسة تطور الحالة من خالل أفراد االسرة ، ويمكن ألفراد

األسرة زيارة المستشفى الستكمال المعلومات عن المريض .

 

البارانويا PARANOIA

 

البارانويا حالة مرضية ذهانية ) مرض عقلى ( تتميز بالهذيان الواضح والمستمر

، أى يميزها مجموعة ثابته منتظمة من الهذيان ، كما يسيطر على المريض

مجموعة من المعتقدات الثابتة . وفي كثير من األحيان يكون اهتمام األسرة

بالمريض أحد العوامل التي تجعل المريض يعتقد بأنه شخصية هامة بدليل اهتمام

الناس به.

 

وفي بعض الهذاءات البارانوية يوجد نوع من الشعور بالدنب فيما يتعلق

بالرغبات الالأخالقية المكبوتة التي يقوم المريض باسقاطها على األخرين, بحيث

يراها في اآلخرين وال يراها في نفسه . ويعتبر العامل األساسي في البارانويا هو

 

مشاعر النقص التي ال يستطيع الفرد تحملها والتي تنشأ من فشله في تحقيق آماله

في الحياة وميله الى لوم اآلخرين على هدا الفشل .

 

وتتركز هذيانات مرضى البارانويا على مشاعر العظمة ومشاعر االضطهاد .

ولكنها ال ترتبط بالهلوسات ، فمريض البارانويا ال يعانى من الهالوس البصرية

أو السمعية . ولكنه يعيش افكارا متسلطة تسبب له الهذاء . ويطلق فى بعض

االحيان على هذا المرض اسم الجنون العاقل حيث يبدو كالم المريض منطقيا

ولكنه مبنى دائما على فكرة خاطئة هى أنه عظيم وأنه مضطهد . فاليارانويا

اعتقاد جازم بفكرة خاطئة ، هذه الفكرة هى : أنا عظيم ... أنا مضطهد "

وليس معنى هذا ان االعتقاد فى أى فكرة خاطئة يعنى البارانويا فاالعتقاد مثال

بأن االرض مسطحة وليست كروية نتيجة للجهل ، أو االعتقاد بان الذرة التقبل

االنشطار ال يعنى اصابة الشخص بالبارانويا .

 

أعراض البارانويا :

 

شخصية المريض هنا رغم وجود المرض هى شخصية متماسكة ومنتظمة نسبيا

واتصال المريض بالواقع ال بأس به ، وسلوكه العام يبدو عاديا االبقدر ما تحدثة

الفكرة المتسلطة والهذاء من أنه عظيم وأنه مضطهد . فمريض البارانويا يبدأ من

فكرة خاطئة ويبنى عليها بناء عقليا متماسكل ومنطقيا . وعلى سبيل المثال فقد

ذكر أحد مرضى البارانويا لمجموعة من علماء النفس كانوا فى زيارته

بالمستشفى مايلى : .

 

أذا كان تعريف البارانويا _ التى أعانى منها حسب تشخيص االطباء وحسب

قراءتى فى هذا المجال – انها اعتقاد جازم فى فكرة خاطئة ، وبما انكم جميعا

التدينون بدين واحد ، ) بعضكم مسلمون وبعضكم مسيحيون وبما أن المسلمين

 

يعتقدون اعتقادا جازما بأنهم على صواب وأن المسيحيون على خطأ ، وكذلك

فان المسيحيين يعتقدون اعتقادا جازما بأنهم على صواب وأن المسلمين على خطأ

، فمن المحتمل أن يكون كل فريق على اعتقاد جازم بفكرة قد تكون خاطئة ،

وهذا يعنى أنه من المحتمل أنكم جميعا مرضى بالبارانويا ... وقد فات المريض

أن المعتقدات الدينية وغيرها التدخل ضمن االعتقاد بأنه عظيم وأنه مضطهد ،

تلك الفكرة الوحيدة المميزة للبارانويا .

 

جنون العظمة واالضطهاد ".

 

ولذلك يطلق على البارانويا فى بعض االحيان "

وتتناوب أفكار العظمة مع افكار االضطهاد لدى المريض , حيث يشعر أنه عظيم

وأنه أذكى من البشر جميعا وأنه يستطيع أن يفعل ما يعجز عنه المجتمع ، وأنه

عبقرى أو فنان ليس له نظير ، ثم تنتابه مشاعر االضطهاد ، فيعتقد أن اآلخرين

يحقدون عليه ويريدون تدمير هذه العبقرية الفذة بسبب الحقد . فعلى سبيل المثال

قد وصل االمر بأحد رؤساء المصالح ، أنه لم يكن يسمح بوجود اثنين من

الموظفين فى وقت واحد يمكتبه ألنه كان يعتقد أنهما يتآمران عليه باإلشارات،

عندما ينهمك فى توقيع بعض االوراق . وكان يعتقد فى نفس الوقت أنه فنان

عالمى ، وأن المحيطين به يريدون تدميره ألنهم يحقدون عليه ، ولقد ساعد على

تطور هذه االفكار لديه أنه شغل هذه الوظيفة الرئاسية فجأة ، بسبب ظروف

طارئة ، ودون أن يكون مؤهال لذلك فتأكد اعتقاده بأنه عظيم ، وعندما أبدى

بعض المحيطين تحفظا على ترشيحه للوظيفة تأكد اعتقاده بأنه مضطهد وأن

االخرين يحقدون عليه ، فتزايدت لديه اعراض البارانويا .

 

وأعراض البارانويا قد تتزايد فيحدث تدهور للحالة وتتخللها بعض الهلوسات

ومن ثم تصبح الحالة " فصام بارانوى " . ويتميز مريض البارانويا بقدرة على

المناقشة لساعات طويلة وتبدو مناقشاته منطقية ، غير انها تقوم على اساس

 

فكرى خاطئ ، كما يتميز بقدرة على االقناع ، حيث يغرق فى التفصيالت وفى

االستدالل ولكن على اساس خاطئ قد ال يتنبه الية المستمع .

وعادة ما يسقط مريض البارانويا مشاعر الكراهية على االخرين فيشعر بأنهم

يكرهونه ويتأمرون عليه، وعلى ذلك فانه يبدأ فى كراهيتم والشك فيهم بدعوى

أنهم هم الذين بدءوا بالكراهية والتآمر .

ويغلب على مريض البارانويا أعراض عامة مثل الهذيانات والمعتقدات –

الخاطئة التى يغلب عليها الجمود وهى تفرض نفسها على تفكير المريض وأقواله

وهويدافع عنها بحرارة ويحاول اقناع االخرين بها ، ويوجه كل االهتمام اليها

ويتمركز سلوكه عليها ، ويدور هذا المريض عادة حول موضوع معين أو

مجموعة ثابته من الموضوعات السياسية وأوهام التأثير والتأثير حيث يعتقد

المريض أن االخرين يؤثرون عليه وأن الناس يتكلمون عنه وأن وسائل االعالم

تشير اليه .

 

هذاء العظمة :

 

ويتضح فى اعتقاد المريض أنه شخص عظيم االهمية أو مخترع أو فنان أو

بطل ويالحظ عليه الحديث عن الذات والتعالى والمباهاة . والتفاخر وتبنى

أهداف غير واقعية مستحيلة التنفيذ . ويكون متقلب المزاج سريع الغضب

والعدوان ، يسعى الى الكمال فى اعماله ولذلك فهو ال يكمل عمال يبدأه ، كما أنه

غير راض عن أعماله أو أعمال االخرين ألنها لم تصل الى حد الكمال .

 

هذاء االضطهاد :

 

ويتضح فى اعتقاد المريض أنه شخص مضطهد مظلوم يسئ الناس تقديره وال

يفهمونه ويسيئون معاملته ، وأنهم يكيدون له ويتآمرون عليه ، ويخططون ال

يذائه وتحطيمه النهم يحقدون عليه ، وبسبب عدائيته نحو االخرين وكراهيته لهم

فأنه يشعر بالذنب ، ويكبت هذه المشاعر ويسقطها على االخرين ، ثم يدعوهم

الى ترك الحقد ويدعوهم الى الحب ويؤكد دائما – حتى بدون مناسبة - أنه يدعو

الى الحب وانه عدو للكراهية والبغض والحقد وهذا الدفاع تكوين عكسي لما هو

موجود بالفعل لديه من مشاعر الكراهية والبغض والحقد .

 

وفى تعامله مع االخرين يشعر بالنقص وعدم القيمة ، وينعزل ويملؤه الخوف ،

وقد يعتقد أن المخابرات تتجسس عليه ، وأن المباحث تتتبعه ، وقد يفسر

الحركات البريئة لالخرين على انها موجههة نحوه ، وقد يسيطر عليه الشك فى

زوجته رغم تأكده من اخالقياتها الفاضلة ، ويدخل دائرة الغيرة والغضب والحقد

والكراهية والعداء والميل لالنتقام من زوجته ومن المحيطين به ، ويغلب عليه

االكتئاب واالنقباض والحزن .

 

وقد يدخل المريض دائرة التقاضى ويصر على المطالبة بالحقوق ويصبح مغرما

بالقضايا والشكاوى القانونية ومتابعة القضية فى جميع درجات االستئاف

والنقص.

 

تصنيف البارانويا :

 

يمكن تصنيف البارانويا حسب نوع الهذاء الى :

.1 هذاء حقيقى ، حيث تسود افكار العظمة وأفكار االضطهاد ، وهذاء المشاكسة

وهذاء الغيرة .

 

.2 حالة الهذاء وأهم اعراضها الهذاء العابر غير الدائم وغير المنتظم مع وجود

بعض االضطرابات في التفكير .

.3 الفصام البارانوى أو الهذائى ، وهو من صور الفصام وقد سبقت االشارة اليه

.

 

.4 الهذاء الثنائى ، وفى هذه الحالة يمكن أن تنتقل االفكار الهذائية الى شخص

آخر عن طريق التوحد ) التقمص ( بشرط أن يكون الشخص الذى تنتقل اليه هذه

االفكار أكثر قابلية لاليحاء وأقل سيطرة ويكون الشخصان عادة من محيط بيئ

متماثل ، ويواجهان نفس الظروف النفسية .

 

.5 نوبة الهذاء الحادة ، وتتميز بالبداية المفاجئة ، دون سبب واضح وتغلب على

االعراض ضالالت االشارة واالضطهاد بشكل خاص ، وأثناء النوبة التى قد

تستغرق وقتا يمتد الى بضعة شهور ، نجد أن افكار المريض ال يمكن تصحيحها

بالحجة أو البرهان .

 

.6 حاالت الهذاء المزمنة ، وتبدا بادراك هذائى ثم يتزايد نتيجة تراكم الهذاءات

حتى تصبح مزمنة وتصبح جزء ال يتجزأ من الشخصية ويبدأ المريض فى تفسير

جميع الظواهر المحيطة به تفسيرا خاصا ويعلن أن هذا التفسير هو أول اختراع

من نوعه فى العالم ، وعندما يشعر باعتراض المحيطين به على هذا التفسير

يعتقد أنه مضطهد وأنهم يحاربونه ويتآمرون عليه .

 

الشخصية قبل المرض .:

 

تتسم شخصية الطفل الذى لديه استعداد لالصابة بالبارانويا يسمات أهمها العزلة

االجتماعية واالنطواء والتقلب االنفعالى والشك والعناد والحزن والتهيج ورفض

 

كل ما حوله . وفى الرشد تتسم الشخصية بشدة الحساسية ومشاعر العظمة

ومشاعر االضطهاد ، وتأكيد الذات واالنانية والتمركز على الذات ، والتذمر

والعدوان . كما تتسم الشخصية بالجمود والجدل واالكتئاب وعدم التسامح

وااليمان بالسحر والتفكير الخرافى . وقد تتطور بعض حاالت العصاب

الوسواسى القهرى وتصبح حاالت بارانويا .

أسباب البارانويا .:

 

.1 أسباب وراثية وأسرية :

 

لوحظ وجود اضطرابات عقلية واضطرابات فى الشخصية لدى أسر مرضى

البارانويا بصفة عامة ، وكذلك وجد انتشار سلوك االدمان وبعض مظاهر الجمود

والتصلب والتمسك بالطقوس االجتماعية لدى هذه االسر . وقد تكون هذه العوامل

ذات آثر وراثى ولكنها قد تنتقل الى االبناء عن طريق االكتساب .

 

ومن بين أسباب البارانويا أيضا اضطراب المناخ االسرى وسيادة التسلطية فى

األسرة والتوترات الزائدة وشعور الفرد بعدم األمان فى األسرة سواء بشكل

مباشر أو غير مباشر . وتنشأ حاالت البارانويا عادة فى بيئة تتسم باالنعزالية

والشك مما يجعل الشخصية مهيأة لبناء منظومة هذائية فى هذا الجو الحذر الذى

يتسم بالتأهب والترقب

.2 أسباب عضوية :

 

هناك بعض العقاقير مثل االمفيتامين وبعض أنواع أقراص الهلوسة تسبب

أعراضا شبيهة بأعراض البارانويا ، وأحيانا ما تستمر هذه االعراض حتى بعد

التوقف عن تعاطى العقار الدوائي.

 

وقد تنشأ أعراض البارانويا نتيجة لوجود اعاقة بدنية مثل كف البصر أو شلل

االطفال أو الصمم ويالحظ أن االعاقة الجزئية أكثر اثارة العراض المرض من

االعاقة الكلية ، وذلك ألن االعاقة الجزئية تجعل صاحبها يحاول اخفاءها

وتعويض القصور الناجم عنها ويجعل التكيف معها أكثر صعوبة . وتنتشر

أعراض البارانويا لدى المصابين بالصمم الجزئى حيث يعتقد المريض أن

المحيطين به يتكلمون عنه ويتآمرون عليه دون أن يتمكن من سماعهم ، وكذلك

يغلب عليه سوء تأويل ما يسمع بسبب عدم وضوح الكلمات التى يسمعها .

.3 أسباب نفسية :

 

تبدأ بعض حاالت البارانويا عقب خبرة صدمية تعرض لها الفرد أدت الهتزاز

عميق فى قيمه ومثله كما تلعب االسباب النفسية االخرى مثل االحباط ومواقف

الفشل دورا فى تفجير االعرض . ويلعب الصراع النفسى بين رغبات الفرد فى

اشباع دوافعه ، وخوفه من الفشل فى اشباعها لتعارضها مع المعايير االجتماعية

والمثل العليا، دورا هاما فى نشأة وتكوين االعراض الهذائية .

 

وترى نظرية التحليل النفسى أن تكوين اعراض البارانويا ترجع الى النكوص

الى بداية المرحلة األولى للنمو النفسى ) مرحلة التدريب على النظافة ( . حيث

يستخدم المريض ميكانيزم االسقاط نتيجة لرغبات جنسية مثلية يتم اسقاطها على

االخرين .ويحدث دلك كما يلي:

.1 "أنا احبه " ) وهذا مرفوض ألنه يعبر عن الجنسية المثلية ( .

 

" أنا أكرهه "

 

.2 بسبب ميكانيزم رد الفعل أو التكوين العكسي يصبح الشعور

ولكن هذا أيضا مرفوض ألن الكراهية هنا دون سبب واضح وألنها تعبير عن

العدوان .

 

" هو يضطهدنى .

 

" هو يكرهنى

 

.3 بسبب حيلة االسقاط يتحول الشعور الى

 

أما المدرسة السلوكية فترى أن البارانويا تنتج من تعلم خاطئ لبعض العادات

السلوكية الخطأ . وهى أعراض يستخدمها الفرد يعد أن تم تعزيزها وتدعيمها

ألنها نجحت أكثر من غيرها فى خفض القلق العصابى الذى يعانى منه . وقد تم

التعرف على هذه االعراض وتعزيزها نتيجة للمحاولة والخطأ ، حيث يقوم

المريض العصابى بعدة محاوالت لخفض القلق .

 

عالج البارانويا :

ال يحتاج مرضى البارايونا الى العالج داحل المستشفى ، حيث أنهم يظلون

متماسكين من حيث بناء الشخصية ، وفى العادة فان هؤالء المرضى يظلون

ناجحون فى بعض االعمال وال يشعرون بأنهم فى حاجة الى عالج ، ومعظمهم

من المثقفين ذوى الذكاء المرتفع ، ويمكن استخدام الطرق التالية فى عالج

البارانويا :

 

.1 العالج الطبي :

يفيد العالج الطبى فى حاالت الذهان لجعل المريض أكثر استجابة للعالج النفسى

، أى أن العالج الطبى يساعدنا على أن نبدأ العالج النفسى ولكنه ال يحل محله .

وتستخدم المطمئنات العظمى ) المهدئات الكبرى ( فى عالج البارانويا ، ألنها

تعمل على تثبيط وتهدئة بعض المناطق فى المخ .

 

كما يمكن استخدام الصدمات الكهربية وهى تفيد فى بعض الحاالت الخاصة اذا

اعطيت مبكرا ، وفي نفس الوقت مع المهدئات العظمى أو بعدها بجرعات كافية

 

. كما تستخدم بعض المستشفيات العالج باالنسولين المعدل . مع االهتمام بالصحة

العامة للمريض والراحة الى أقص حد .

 

.2 العالج النفسي :

 

ويستخدم بهدف تخفيف حدة قلق المريض وتجديد قدرته على االتصال مع

االخرين واقامة عالقات اجتماعية . وينبغى أال نضيع الوقت فى حاالت البارانويا

فى مناقشات منطقية مع المريض لتوضيح عدم صحة المعتقدات واالفكار ، ألن

اهم خصائص الهذاء هو عدم استجابته للتأثر باالقناع المنطقى . ويجب أن يكون

المعالج حريصا فى تعامله مع المريض ، فمريض البارانويا مثقف موسوعى

عادة ، عدوانى تجاه االخرين وخاصة تجاه المعالج ، وقد يهدف الى استدراج

المعالج الى موضوع يجهلة ليثبت له قصوره وليثبت المريض لنفسه أنه متفوق

على المعالج فتزداد مشاعر العظمة لديه .

وعلى المعالج أن يعمل على اقامة الثقة بينه وبين المريض وأن يكون حذرا

ومحايدا بقدر االمكان فى توجيه بعض االسئلة أو المالحظات الى المريض .

 

، ألن المريض يغرق

 

ويستغرق التحليل النفسى لمريض البارنويا وقتا طويالً

عادة فى التفصيالت وفى الموضوعات الفرعية التى تتفرع عن الموضوع

االصلى الى أن ينسى الموضوع االصلى واليعود اليه ) فعلى سبيل المثال عند ما

سأل المعالج مريضه الذى يعمل مديرا لشركة عن سكرتيرته ، أجاب اجابة

مستفيضة عن األصل اللغوى لكلمة سكرتيرة فى اللغة االنجليزية والفرنسية

والعربية واستغرقت االجابة معظم وقت الجلسة وكان ذلك الستعراض معلوماته

، وفى نفس الوقت ، للهروب من الدخول فى الموضوع األصلى ألن المدير كان

متعلقا بها ولكنه كان وقورا الى أبعد حد . ومن ثم فانه كان يردد أثناء الجلسات

بعض أيات من القرآن الكريم ويغرق فى تفسيرات هذه اآليات ، وكأنه يحذر

 

نفسه من استمرار هذا التعلق واالعجاب .وعلى المعالج بالتحليل النفسى أن يكون

مهيأ لمشاعر العداء نحوه من جانب المريض وأن يعمل على تعديل هذه المشاعر

.

 

أما العالج السلوكى فى حاالت البارانويا فيهدف الى رفض وكف المنظومة

الهذائية وتعزيز وتدعيم السلوك التكيفى . وهنا قد يحدث أهتزازا فى تماسك

الشخصية فى بداية العالج ، ويستخدم فى هذه الحالة بعض الفنيات مثل التعزيز

الموجب واقتصاديات البونات حيث يمنح المريض مكافأة عينية أو معنوية عقب

كل سلوك تكيفى ، أو باستخدام التشريط التنفيرى أو السالب حيث يعقب السلوك

غير التكيفى مثير غير سار أو مسبب لأللم المادى أو المعنوى .

ويستخدم فى بعض الحاالت العالج بالعمل والعالج االجتماعي والعالج األسرى

والعالج بتعديل البيئة المحيطة كأشكال مساعدة فى تطوير شخصية المريض

واستمرار تحسنه .

 

مثال إلحدى حاالت البارانويا

 

شاب 33 عام متزوج ،سيطر عليه اعتقاد بان زوجته تعاني من مرض خطير

معدي ، وكان يعتقد أن زوجته تعمدت ان تعديه بالمرض ألنها تريد أن تتخلص

منه. وكان يبرر هدا االعتقاد بعدة أمور منها أنه قام بالتأمين على حياته وتريد

زوجته ان تحصل على قيمة التأمين . ومنها أيضا أن طليق زوجته مات فجأة

فاعتقد أن زوجته هي السبب في موته . كذلك كان لديه اعتقاد بأن والدي زوجته

كانا مصابان بنفس المرض ، واخيرا كان يشعر بطعم غريب في طعامه فكان

يشك أن زوجته تضع له السم لتقتله ، واخيرا انتهى به األمر بقتلها.

 

الذهان الوجداني psychosis Affective

 

الذهان الوجداني يعني اضطراب شديد في الحالة الوجدانية والمزاجية للمريض .

وتوجد 3أشكال أساسية للذهان الوجداني ، اولها حالة االكتئاب الشديد والعميق ،

والشكل الثاني هو حالة االبتهاج والفرح الشديد ) الهوس Mania )والشكل

الثالث هو حالة التذبذب بين االكتئاب والهوس في فترات قصيرة او طويلة .

 

في حالة االكتئاب يبدو المريض حزينا ومتشائما، خامل الشعور وقليل النشاط

بطيء الحركة وقليل الكالم, يحقر من شأنه ويجلد ذاته ، قليل النوم وشديد التوتر

، فاقد الشهية للطعام ، على الرغم من أن ظروف حياته ليس فيها ما يبرر كل

ذلك . وفي بعض األحيان يصعب علينا التمييز بين االكتئاب العصابي واالكتئاب

الذهاني اال اذا ظهرت لدى المريض الهالوس والهداءات واالنفصال الشديد عن

الواقع . وتدور هداءات المريض حول مشاعر الذنب والخطيئة . ويختلف

االكتئاب الذهاني عن االكتئاب العصابي بشدة الحزن وعمق االكتئاب ويحتاج

المريض للعالج في احدى المصحات خوفا من اقدامه على االنتحار. وفي حاالت

االكتئاب الذهاني ال توجد أي ظروف في بيئة المريض تفسر هده الحالة. وادا

وجدت خبرة مؤلمة يمكن ان تسبب االكتئاب مثل فقدان شخص عزيز ، فان حالة

االكتئاب عند مريض الذهان تمتد لفترات طويلة مقارنة بحاالت الحداد العادية.

اما االكتئاب العصابي فانه يحدث غالبا بعد مرور الفرد بخبرة مؤلمة.

 

مثال لحالة اكتئاب ذهاني

رجل يبلغ من العمر حوالي 40 عاما متزوج وله أبناء , أدخل المستشفى للعالج

من حالة اكتئاب ذهاني . كان يقضي معظم وقته في المستشفى وهو جالس على

احد المقاعد يبحلق في احد النوافذ وهو يبكي في حالة اكتئاب شديد , وكان يعاني

من األرق وفقدان الشهية , وكان صامتا طوال الوقت وال يتكلم اال اذا تحدث اليه

 

شخص ما . وادا تكلم فانه يلوم نفسه كثيرا ألنه حطم مستقبل أسرته وكان يردد

انه ال يستحق أن يعيش.

 

وبتحليل حالته وجد أنه قبل اصابته بالمرض بثالثة شهور تعرض لخسارة مالية

في البورصة ، وبعد ذلك بشهر توفيت والدته بنوبة قلبية ، وقد حزن على وفاتها

حزنا شديدا وفقد شهيته لألكل وأصيب باألرق , وحاول االستمرار في العمل

ولكنه وجد نغسه عاجزا عن االستمرار مما دفعه الى ترك عمله , وازداد تأنيب

ضميره له بشكل غير طبيعي , وكان يردد القول بأنه السبب في ضياع ثروة

األسرة ، وأنه السبب في وفاة أمه وأنه ال يستحق الحياة .

 

الهوس MANIA

 

الهوس هو أضطراب عقلى ) ذهانى ( يتميز بالغرابة والنشاط الزائد والتهيج

والمرح الذى ال يمكن السيطرة عليه ، ويكون المريض مليئا بالحيوية ال يكاد

ينتهى من عمل حتى يبدأ غيره ، وغالبا ما بيدأ عمال جديدا قبل أن ينتهى من

العمل االول . وقد يصل نشاطه الى درجة العدوان والتحطيم . وتتميز أفكاره

بأنها غير منتظمة ، فهو ينتقل من فكرة الى فكرة بسرعة ودون داع ، وتتميز

لغته باالغراق فى التفاصيل . وقد يظهر بعض االعراض الثانوية مثل القلق

والشك واضطراب الوعى ، وقد تظهر الهلوسات والضالالت فى بعض الحاالت

الشديدة.

 

أعراض الهوس :

 

.1 السعادة الغامرة والمرح الشديد المفرط ، والنشوة التى تشبه حالة السكر ،

والتفاؤل المفرط والتحمس الزائد ، والثقة الزائدة فى النفس على غير أساس ،

 

والشعور بالقدرة الفائقة وكثرة المشروعات وتعددها وتنوعها ، ومعظم هذه

المشروعات غير عملى وغير قابل للتنفيذ .

 

.2 سطحية الفتكير ، وتشتت االفكار واالنتقال السريع بين الموضوعات وعدم

اكمال الفكرة ، وعدم القدرة على التركيز ، ومقاطعة االخرين بمجرد ورود افكار

جديدة ، وأفكار العظمة وتوهم القوة واالهمية والغرور الزائد ، وأحيانا الهلوسات

وأرتفاع الصوت وسرعته واستخدام االسلوب المسرحى .

 

.3 النشاط الزائد عن الحد ، والحركة المسرفة في الشدة ، وعدم االستقرار

وزيادة التوتر وسرعة االنجاز مع رداءة االنتاج ، والفوضى فى العمل.

 

.4 العالقات االجتماعية الواسعة والسطحية ، واالنطالق الزائد والتحرر الواضح

، والتبرج والتزين بافراط لدى السيدات ، والالمباالة بالمعايير االجتماعية وعدم

مراعاة مشاعر االخرين ، وعدم الشعور بالخطأ .

 

.5 سرعة االستثارة والتوتر والتهور ، والشعور باالرهاق والتعب فى بعض

االحيان واالرق واضطراب النوم .

 

.6 االتجاه الى الخمور والمخدرات فى بعض االحيان .

 

.7 االستعراض بشكل ملفت للنظر .

 

.8 ظهور أعراض التوتر مثل زيادة ضربات القلب وزيادة العرق وأحمرار

الوجه واضطراب الهضم واالخراج واضطراب الدورة الدموية واالضطراب

الهرمونى

 

أسباب الهوس ونشأته :

 

.1 أسباب وراثية :

 

تمثل الوراثة عامال اساسيا فى حوالى 70 %من حاالت الهوس حيث ينتشر

المرض لدى االفراد الذين ينتمون الى آباء وأمهات مرضى بالهوس . ولقد وجد

أن هذا المرض أكثر انتشارا لدى بعض العناصر مثل اليهود .

 

.2 أسباب ترجع الى الغدد :

تلعب الغدد الصاء دورا هاما فى أسباب المرض . فلقد لوحظ أن المرض يكون

أكثر حدوثا فى فترات معينه مثل فترة النفاث وقبل الدورة الشهرية وهذه الفترات

هى التى تحدث فيها التغيرات .

 

.3 أسباب نفسية :

 

مثل الصراع النفسى والفشل واالحباط ومحاولة إنكار ذلك بالحيل الدفاعية

الالشعورية مثل حيلة االنكار وحيلة النسيان وهى الحيل المميزة للمرحلة الفمية

من مراحل النمو النفسى فى نظرية التحليل النفسى . أما المدرسة السلوكية فهى

ترى أن الهوس هو عادة سلوكية خاطئة ثم تعلمها نتيجة التعزيز ألنها نجحت

أكثر من غيرها فى خفض شدة القلق العصابى لدى المريض .

 

الشخصية قبل المرض :

 

تتسم الشخصية قبل المرض باالنبساط الشديد والميل الى السرور والفكاهة ،

والعالقات الواسعة السطحية ، والثقة الزائدة فى النفس وعدم الشعور بالخطأ ،

وسرعة االستثارة واالندفاع والعدوان وحدة المزاح أحيانا، وربما يتغير االنفعال

بتغير فصول السنة .

 

أشكال الهوس :

 

.1 الهوس الخفيف :

 

وهوآخف حاالت الهوس ، وتتميز هذه الدرجة من الهوس باضطراب االنفعاالت

، وأحيانا يسمى بالهوس غير الذهانى ألنه ال يترك أثرا دائما فى الشخصية ،

فالواقع ليس مشوها تماما، والمريض لم ينفصل عنه كلية . ويستطيع المريض أن

يقيم عالقات مع البيئة . وغالبا فان سلوك المريض ال يتعارض بشكل واضح مع

قيم المجتمع .

 

وبيدو المريض مليئا بالحيوية والنشاط ال يكاد يستقر فى مكان يميل الى السيطرة

على من حوله وال يتحمل النقد . وغاليا مايرسم المريض لنفسه خططا وأفكارا ال

يستطيع تنفيذها ألنها غير عملية وهو يبدأ مشروعاته المتعددة دفعة واحدة

فيصعب عليه استكمالها وقد ال يستقيد المريض بالقواعد االجتماعية فى بعض

األحيان . ولكن ذاكرته تظل سليمة .

 

.2 الهوس الحاد :

 

من الصعب أن نضع حدودا قاصلة بين الهوس الخفيف والهوس الحاد فهما متد

اخالن ..

 

وفى حاالت الهوس الحاد يشتد المرح وقد يأخذ شكل السخرية وقد ينقلب الى

غضب وعدوان مع حساسية مفرطة . ويصبح المريض شديد االنتباه الى

المؤثرات الخارجية ، وال يستمر المريض فى اتجاه معين ، بل ينتقل من مؤثر

آلخر . وتضطرب عالقة المريض بالبيئة فال يراعى االداب العامة ، ويتصرف

 

بشكل يخالف التقاليد وقد تحدث هلوسات وضالالت وقد يختل ادراك المريض

للزمان والمكان .

 

.3 الهوس الهذائى :

 

وأهم اعراضه الهوس الحاد والخلط وعدم الترابط واضطراب التوجه ) الزمانى

والمكانى ( . ويعتبر هذا الهوس الهذائى أشد مراحل الهوس ، حيث يتهيج

المريض بشكل شديد وقد يحاول تحطيم االشياء أو االعتداء على االخرين ، وقد

يمزق مالبسه . وال يتعرف المريض على الزمان أو المكان أو االشخاص ، كما

يصاب بهلوسات سمعية وبصرية ويزداد شك المريض في من حوله ويقوم

بأعمال منافية للتقاليد ، ويفقد قدرته على التمييز .

 

.4 الهوس المزمن :

 

وهذا النوع من أنواع الهوس يعتبر هوسا مستقر, ا فهو مزمن لسنوات طويلة ،

وبالتالى تصبح االعراض أقل حدة ، حيث يقل النشاط الحركى ، وأن كل الكالم

يغلب عليه الثرثرة ، وال يعود المريض الى حالته الطبيعة ، وقد تأخذ الثرثرة

لديه صورة معينة مثل التدين ، فهو قد يقضى فترات طويلة يصلى بصوت مرتفع

) حتى فى صلوات الظهر والعصر ( وقد يصلى دون وضوء ويدعى أنه بصوته

المرتفع إنما يطرد الشياطين .

 

مثال لحالة هوس

 

اتت سيدة الى العيادة في حالة هلع مصطحبة زوجها البالغ من العمر 35 عاما

وهو يعمل في مجال الكيمياء الحيوية . ادخل الرجل المستشفى وهو فائق النشاط

وقام بتحية المرضى وذكر ان المكان رائع وبدأ يطلق النكات الساخرة عند تقديمه

 

لالطباء. وبعد أن غادرت زوجته المستشفى ، اخد المريض يجوب عنبر

المرضى بسرعة ويلقي باالدوية على االرض ثم قفز ووقف بالنافدة وتشبث بها

لفترة طويلة ، فما كان من ادارة المستشفى اال ان وضعته في غرفة منفردة فعمد

الى تفكيك اجزاء السرير واستخدمها في الطرق على الباب والجدران ، وبدأ

يمارس الصراخ والغناء واندفع خارجا الى الصالة ، واندمج في نوع غريب من

الرقص قبل ان يتم اعادته الى غرفته. .. في اليوم التالي كان من الواضح ان

المريض لم يحظ بقدر كاف من النوم وكان اكثر حيوية ونشاطا من األمس حيث

حطم المصباح ومزق مالبسه ولف نفسه بقطعة منها وادعى انه طرزان وأخذ

يطلق صيحات طرزان في الغابة . وظل يصرخ وهو يقول شربت دم الوحوش ‘

انني رجل عبقري استحق ان اكون رئيس العمل .. لقد قتلت الكثيرين ومازال

امامي مشوار طويل للقتل ثم بدأ يوجه عبارات الغزل للممرضات وهو يتهمهن

بانهن هن الالئي بدأن معه الغرام . وبدأ يعلن بصوت مرتفع انه ليس متزوجا ,

ولكن جسده ليس للبيع مهما كان الثمن.

 

عالج الهوس :

 

يستحسن عالج حاالت الهوس وخاصة الحاد فى المستشفى ويجب وضع

المريض فى مكان منفصل مع رعاية خاصة .

أوال : العالج بالعقاقير :

 

تستخدم المهدئات الكبرى وكريونات الليثيوم فى عالج حاالت الهوس . كما يمكن

استخدام عقاقير أخرى لعالج االعراض المصاحبة مثل القلق أو فقدان الشهية

ويستخدم أيضا العالج باالنسولين المعدل .

 

ثانيا : الصدمات الكهربية :

 

وتستخدم الصدمة الكهربية قرب نهاية دور الهوس ، ويمكن استخدامها بعد

استخدام المطمئنات الكبرى ، ويجب عمل حساب أى مضاعفات مثل االنهاك أو

هبوط القلب .

 

ثالثا : العالج النفسى :

 

ويصلح فى حاالت الهوس الخفيف وبعض حاالت الهوس المزمن .

 

ويستخدم العالج النفسى الستكشاف الجوانب المرضية فى الشخصية ،

واالضطراب فى الشعور بقيمة الذات . ويمكن استخدام فنيات التحليل النفسى .

كما يمكن استخدام العالج التدعيمى أى تعزيز أنواع السلوك التكيفى والعالج

التنفيرى أى كف االستجابات المرضية غير المقبولة ، وذلك فى العالج السلوكى

والعالج السلوكي المعرفي .

 

رابعا : الجراحة النفسية :

 

فى حالة عدم استجابة حاالت الهوس لعالج االدوية والصدمات الكهربية والعالج

النفسى يلجأ االطباء كحل أخير الى الجراحة النفسية ، بقطع االتصاالت العصبية

بين قشرة الفص الجبهى االمامى ومنطقة تحت المهاد .

 

ولكن الجراحة النفسية تراجعت أمام المطمئنات الكبرى نظرا لالعراض الجانبية

التى تنجم عنها .

 

المراجع

 

.1 احمد عكاشة ) 1988 ( الطب النفسى االنجلو المصرية .

 

.2 آى آى ميل ) ترجمة صبحى عبد اللطيف ( ) ب ت ( االسس النفسية فى

التربية مؤسسة مختار للنشر والتوزيع القاهرة .

.3 جان سكويت مالك وليامز ، آرون بيك ترجمة حسن مصطفى عبد المعطى )

2003( العالج المعرفى والممارسة االكلينيكة . زهراء الشرق .

 

.4 جيرالد كورى ) ترجمة سامح وديع الخفشن )2011( الظرية والتطبيق فى

االرشاد والعالج النفس دار الفجر عمان .

.5 خولة احمد يحى )2000( االضطرابات السلوكية واألنفعالية . دار الفكر

للطباعة عمان.

 

.6 باترسون ) ترجمة حامد الفقى )1981( نظريات االرشاد والعالج النفسى

دار القلم . الكويت .

.8 سهير كامل أحمد )2006( سيكلوجية الشخصية ، مركز االسكندرية للكتاب .

 

.9 عادل صادق )2001( الطب النفس . الدار السعودية للنشر .

 

.10 عالء فرغلى )2005( المرض النفس بين العلم والخرافة . مكتبة النهضة .

المصرية .

 

.11 عالء كفافى )1993( مشكلة تعاطى المخدرات بين الشباب . جامعة قطر .

.12 على سليمان )1989( مدى تأثير العالج النفسى الجمعى غير الموجه على

مجموعة من طالب الجامعة الذين يعانون من بعض االضطرابات النفسية دراسة

كلينيكية المؤتمر الخامس للجمعية المصرية للدراسات النفسية .

 

.13 على سليمان )2015( علم النفس االرشادى والعالج النفسى . دار الجوهرة

. القاهرة .

 

.14 محمد حسن غانم )2005( العالج النفسى الجمعى بين النظرية التطبيق

 

.15 محمد عثمان نجافى )1988( علم النفس فى حقاتنا اليومية ، دار القلم ،

الكويت

 

.16 مصطفى سويف )2001( مشكلة تعاطى المخدرات ) بنظرة علمية ( الهيئة

المصرية للكتاب .

 

.17 ميخايل ابراهيم أسعد )1986( علم االضطرابات السلوكية المؤسسة

النورى – القاهرة .

 

.18 ميليسيا هاينز ) ترجمة ليلى المرسوى ( )2008( جنوسة الدفاع ، عالم

المعرفة 353 .

 

.19 نخبة من أسانذة الجامات فى العالم العربى )1999( المرشد فى الطب

النفسى – منظمة الصحة العالمية – الشرق األوسط .

 

ALY Suleiman(1985) Personlichkeitsent Wicklung .20

arabisc sprachiger Kinder in die eutschen und

arabischen Schulen , lang . Verlag , frank fort

 

Aly Suleiman .(1980) Effekt Simultanen.Feedback .21

auf das Selbstkonzept , selbstexploeation und

 

selbstauseinander – setzung in der Gt von der Aussieht

. des Klienten.Hamburg Uni

 

APA (2013) Dictionary of clinical Psyclology Howard .22

Rosentahl (2015) Encyclopedia of coumseling ,

Routledge N.K

 

Gayle L.Macklem (2014) preventive Mental Health at .23

school springer .N.Y

 

Mauro , Monika (ed ) , (2006) psychoanalysis and .24

. neuroscience. springr

مقالات مشابهة

الاكتئاب النفسي

المجلّة العلميّة الثقافيّة

منذ 3 أسابيع
الاكتئاب النفسي

الاكتئاب النفسي   يعد الاكتئاب من أكثر الاضطرابات النفسية انتشاراً في العالم، وأشدها خطورة على الصحة سواء الجسمية...

التوافق النفسي

المجلّة العلميّة الثقافيّة

منذ 4 أسابيع
التوافق النفسي

التوافق النفسي   د. كريمة مختار - محاضر في جامعة UHA   تعريف التوافق النفسي    التوافق النفسي:...

الضغوط والمرونة الإيجابية.. كيف يمكن لبعض الأشخاص تجاوز الأوقات العصيبة بينما ينهار آخرون؟

المجلّة العلميّة الثقافيّة

منذ 4 أسابيع
الضغوط والمرونة الإيجابية.. كيف يمكن لبعض الأشخاص تجاوز الأوقات العصيبة بينما ينهار آخرون؟

الضغوط والمرونة الإيجابية.. كيف يمكن لبعض الأشخاص تجاوز الأوقات العصيبة بينما ينهار آخرون؟ يعيش الإنسان حالة دائمة من...

القيادة الملهمة

المجلّة العلميّة الثقافيّة

منذ شهر
القيادة الملهمة

  القيادة الملهمة ....... هل حقا بالقيم؟ لا يقتصر تأثير القادة الملهمون على قدرتهم على توجيه الآخرين نحو هدف مشترك...